إن هناك ترابطًا وثيقًا بين الصيام والجهاد، فالصوم مغالبة لشهوة الطعام والشراب، والجهاد مغالبة لنزعة الحرص على الحياة، وإذا كان الجهاد من أجل الانتصار على العدو فإن الصيام انتصار على النفس الأمّارة بالسوء. ومعاني التضحية والفداء في الجهاد مستوحاة من الصيام، فمَن انتصر على نفسه انتصر على عدوه. في هذا الشهر الكريم كانت الأمّة الإسلامية على موعد مع النصر، وما حدثت حوادث الإسلام الكبرى إلاّ في هذا الشهر الكريم؛ فقد حدثت غزوة بدر الكبرى يوم الفرقان يوم التقى الجمعان {وَلَقَدْ نصرَكُم الله بِبَدْرٍ وَأنتُم أَذِلّة فاتَّقُوا الله لعلّكم تشكرون}، في صبيحة يوم الجمعة الموافق للسابع عشر من رمضان من السنة الثانية للهجرة، وفتح مكة شرّفها الله، وبعض أحداث غزوة تبوك آخر غزوات النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأولها لقتال الروم والقادسية وفتح رودس وفتح بلاد الأندلس ومعركة حطين وعين جالوت. هذه المعارك المشهورة الّتي يعرفها الصغير قبل الكبير، كلّها حدثت في شهر رمضان وفي سنوات متعددة، ولعلّ آخرها حرب رمضان والّتي اشتهرت بحرب أكتوبر، حيث نصر الله فيها المسلمين على اليهود وعودة سيناء وجزء من الجولان إلى بلاد المسلمين.