:a22:
فلسطين:
يطلق اسم فلسطين على القسم الجنوبي الغربي من بلاد الشام، وهي الأرض الواقعة غربي آسيا على الساحل الشرقي للبحر المتوسط، وفلسطين ذات موقع استراتيجي مهم، إذ تعد صلة الوصل بين قارتي آسيا وإفريقيا، ونقطة التقاء جناحي العالم الإسلامي
وأقدم اسم معروف لهذه البلاد هو "أرض كنعان"، لأن أول شعب تاريخي استقر فيها هم الكنعانيون، الذين جاءوا من جزيرة العرب أوائل الألف الثالث قبل الميلاد. واسم فلسطين اسمٌ مشتقٌ من اسم أقوام بحرية لعلها جاءت من غرب آسيا الصغرى ومناطق بحر إيجة حوالي القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وورد اسمها في النقوش المصرية "ب ل س ت PLST"، وربما أضيفت النون بعد ذلك للجمع، وقد سكنوا المناطق الساحلية، واندمجوا بالكنعانيين بسرعة، لكنهم أعطوا الأرض اسمهم
ولم يتحدد شكل فلسطين وحدودها الجغرافية المتعارف عليها في عصرنا هذا إلا أيام الاحتلال البريطاني لفلسطين (1920 ـ 1923)، وقد كان تحديد أرض فلسطين يضيق ويتسع باختلاف العصور المتعاقبة عليها غير أنها ظلت جزءاً تاريخياً من بلاد الشام. ومن الصعب متابعة حدود فلسطين التاريخية، لأن طبيعة دراستنا هنا لا تميل إلى التفصيل الدقيق، غير أننا سنمر بأهم معالم التطور التاريخي لهذه الحدود. ففي العهد البيزنطي، ومنذ أواسط القرن الرابع للميلاد، قُسِّمت فلسطين إلى ثلاث وحدات إدارية، هي
1 ـ فلسطين الأولى Palaestina I : وتشمل المنطقة من جنوب جبل الكرمل ومرج ابن عامر إلى خطٍّ يبدأ جنوبي رفح ويمتد شرقاً إلى وسط البحر الميت، وكان حدُّها الشرقي يضم أجزاء من شرق الأردن، فيمر خط حدودها من جنوبي بيسان ويقطع نهر الأردن بحيث يحيط بالمنطقة بين عجلون شمالاً وطرف البحر الميت الشمالي الشرقي، وكان مركز فلسطين الأولى مدينة قيسارية، ومن مدنها القدس ونابلس ويافا وغزة وعسقلان
2 ـ فلسطين الثانية Palaestina II: وكانت تشمل جبال الجليل ومرج ابن عامر والمرتفعات الواقعة إلى الشرق من بحيرة طبرية، أي أجزاء من شرق الأردن وسوريا الحالية
3 ـ فلسطين الثالثة Palaestina III: وكانت تضم المنطقة الواقعة جنوب خط رفح- البحر الميت، إلى خليج العقبة، وكان مركزها مدينة البتراء الواقعة الآن في شرق الأردن
وعندما دخلت فلسطين تحت الحكم الإسلامي في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عُدَّت جزءاً من بلاد الشام، حيث قسمت الدولة إلى سبعة أمصار، وكانت بلاد الشام أحد هذه الأمصار. وقد قُسِّمت الشام إدارياً إلى أجناد في عهد الراشدين، هي جُنْدُ حمص، وجند دمشق، وجند فلسطين، وجند الأردن، وفي العهد الأموي أضيف جند خامس هو جند قنسرين، وكان جند فلسطين يمتد من رفح على الحدود مع سيناء إلى اللجون، وهي مدينةٌ تقع على بعد 18 كم شمالي غرب مدينة جنين. وكانت اللدُّ عاصمة جند فلسطين إلى أن تولى سليمان بن عبد الملك ولاية هذا الجند في عهد أخيه الوليد بن عبد الملك (86 ـ96هـ)، فأمر سليمان ببناء مدينة الرملة التي أصبحت عاصمة هذا الجند. ثم ما لبث جُند فلسطين أن أصبح ولاية مستقلة في العصر العباسي، بعد عهد أبي العباس السفاح، وظل مركزها الرملة. وكانت مقسومة إلى اثنتي عشرة "كُورة" هي الرملة، وإيلياء (القدس)، وعمواس، واللد، ويبنة، ويافا، وقيسارية، ونابلس، وسبسطية، وعسقلان، وغزة، وبيت جبرين، ويضم إليها نواحي زغر، وديار قوم لوط، والشراة والجبال حتى أيلة على خليج العقبة
أمَّا جُند الأردن فقد كان يضم وفق الاعتبارات المعاصرة أجزاء من شرق الأردن وشمال فلسطين وجنوب لبنان، وكان هو أصغر أجناد الشام، وكان مركزه (عاصمته) طبرية، ويضم ثلاث عشرة "كُورة"هي طبرية، والسامرة، وبيسان، وفحل، وجرش، وبيت راس، وجدر، وآبل، وسوسية، وصفورية، وعكا، وقَدَس (شمال صفد)، وصور
و نتابع في عهد المماليك (1250 ـ 1517)